"نساء يواجهن الموت".. جرائم القتل والاختطاف تثير قلقاً حقوقياً في سوريا

"نساء يواجهن الموت".. جرائم القتل والاختطاف تثير قلقاً حقوقياً في سوريا
نساء سوريات - أرشيف

تشهد سوريا منذ بداية العام الجاري 2025، موجة مقلقة من جرائم قتل النساء والفتيات، والتي تترافق مع استمرار النزاع المسلح، وانهيار الأمان المجتمعي، وتفكك مؤسسات الدولة الجنائية، وهذه الجرائم لا تعكس حالة فردية أو انفلاتاً مؤقتاً، بل تجسّد واقعًا مأساويًا يتحول فيه الجنس الأنثوي إلى هدف للعنف والقمع.

وفقًا لكل من المرصد السوري لحقوق الإنسان وشبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، فقد تم تسجيل مقتل أكثر من 635 امرأة منذ بداية العام الجاري 2025 في سوريا، ما يؤكد أن العنف الموجه للنساء لم يتراجع برغم سقوط النظام السابق، بل اتسع في دائرة الانتهاكات المتصاعدة بحق الحياة والحماية الأساسية.

ما بين الجرائم المنهجية والاستهداف الطائفي، وبين الاعتقالات التعسفية والتعذيب، تتشكل معاناة النساء كمشهد مؤلم يستدعي وقفة دولية وتحركاً حقوقياً فورياً.

الأرقام تكشف الحقيقة

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 37 امرأة في فبراير فقط، ضمن 222 مدنيًا قضوا نحبهم في أنحاء سوريا، بينهم 17 طفلًا، و9 حالات وفاة نتيجة التعذيب.

وفي يناير الماضي، سقطت 18 امرأة ضحية ضمن 236 مدنيًا قُتلوا؛ بما في ذلك انفجارات ألغام ومقذوفات قنابل عنقودية.

وحتى منتصف العام الجاري، بلغ عدد ضحايا النساء 194 من أصل 2818 مدنياً قتلوا في النصف الأول من العام، بينهم متحكمون مختلفون من القوى المشاركة في النزاع.

وتصوّر هذه الحصيلة وضعًا كارثيًا، يشكّل العنف ضد النساء جزءًا منه لا يمكن تجاوزه.

مصير مجهول للنساء

سجل المرصد السوري لحقوق الإنسان فقدان أكثر من 400 امرأة في مناطق سورية مختلفة، دون معرفة مصيرهن حتى اليوم.

ومنذ الثالث عشر من يوليو الجاري، أُبلغ عن عمليات قتل جماعي في السويداء نفذها مسلحون من هيئة تحرير الشام، فقد ما لا يقل عن 70 امرأة فيها، بحسب ما أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وقالت الشبكة السوري، في بيان لها، إن الاختفاء القسري للنساء يعمّق من ألم العائلات ويشكّل جزءًا من نمط ممنهج لاستهداف النساء والفتيات.

استهداف طائفي للنساء

وثقت لجنة تحقيق سورية أن ما يزيد على 1426 مدنيًا قُتلوا بين 6 و9 مارس، من بينهم 90 امرأة، في موجة من العنف الطائفي استهدفت أهل السويداء واللاذقية وطرطوس، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز".

وأشارت تقارير أخرى إلى أن العشرات من النساء العلوية اختفين أو خُطفن، وبعضهن جُبرن على الزواج القسري كـ"سبايا"، يُقدّر عددهن بحوالي 50–60 امرأة حتى يوليو.

وما زالت الإحالة إلى برامج التعذيب الجنسي، والقتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي تمثّل أدوات قتالية تُستخدم ضد النساء، وتُستخدم لفرض السيطرة، خصوصًا من قبل النظام السابق أو ما خلّفه من بنى أمنية تعتمد هذه الأساليب، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

ومنذ مارس 2011 وحتى نهاية 2024، وثّقت الشبكة السورية مقتل ما لا يقل عن 29,064 امرأة في سوريا، بينهم 117 قضوا نحبهم بسبب التعذيب، بينما لا تزال 11,268 مختفية قسريًا أو تحت الاعتقال.

خطوات نحو العدالة

في مايو الماضي، شكلت الحكومة الجديدة لجنتين للمفقودين وللعدالة الانتقالية، بهدف التحقيق في الانتهاكات وتسريع الإجراءات القانونية والمساعدة الإنسانية.

كما تم تعيين عائشة الدبس كأول رئيسة لمكتب شؤون المرأة ضمن الحكومة الانتقالية، وهي دعوة رمزية لتمثيل النساء، لكن الحصيلة على الأرض تبقى مؤلمة ولا تزال الجرائم تُرتكب بلا محاسبة.

وتبقى جرائم قتل النساء في سوريا رغم اندثار النظام السابق؛ بل تعاني منها نساء ما زلن يقبعن في مرمى الرصاص والتعذيب، وفي طي الاختفاء. الدولة الجديدة قد تكون ولدت، لكن هياكل العدالة الحقيقية لم تبنَ بعد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية